الاثنين، 11 أكتوبر 2010

حروف ملونة



ممتلئة بالحياة و الرومانسية ، تميل إلى خلق نوع جديد من الأحلام ، باشة المحيا ، سمراء ، تحب الكتابة إلى حد الإنفجار حروفاً . تنطلق أفكارها بلا حدود ، خيال لا تحدوه أسوار و آمال عظيمة في تحقيق شكل جديد من أشكال التميز و الخلق .
كانت محاولة الكتابة في محيطها أشبه بمحاولة الوأد بسبب عدم التواؤم مع الأشخاص من حولها و الذين ينقسمون إلى فئات متعصبة و متعطشة لمزاولة الإحباط ؟ خطتها جاءت سريعة و حاسمة و لمقدرتها المادية المعقولة بدأت مشوارها المفاجئ الجريء . لم تكن يوم تحلم بترويج أفكارها لمجرد عائد مادي محدد ، أملها الكبير يتمثل في حب و نجاح كبير .
اختارت العودة إلى مدينتها الأم ( ود مدني ) ، فلا تزال تلك المدينة تمثل شكلاً من أشكال التقوقع الرصين و لا تزال تختال في أسوار حضارة بدت في الانزواء ، فكرت في أنها ستعود إلى أمها ، لأنها الأقدر على مساعدتها في تعريفها على الأفراد القلائل الذين تعرفهم بعد أن تم لها من قبل التعرف على بعضهم .
فكرة البدء من هناك حلم بقدر ما هو مخاطرة فالكل منجذب إلى هواه و محاصر بأفكار و أحلام قتيلة ، فالحرارة المنبعثة صيفاً و شتاءاً من تلك المختالة دوماً ( شمس الظهيرة ) و من الزخم الهائل المنبعث من الروتين و المشكلات الصغيرة و الكبيرة التي لا حد و لا حصر لها و الجري لأجل التسابق الشريف و القذر ، من أجل انتزاع حق البقاء ، أصبح كل شئ في هذه المدينة سيان ! فحتى الشمس في بلدي رفضت التعاقد المؤقت مع الشتاء؟!
      حملت حقيبتها الوحيدة واضعة ملابسها و دفاترها الملونة ، أقامت في بيت جدتها ، حاولت جذب أطراف الحديث مع الأفراد الذين إندفعوا بلا ترتيب يؤدون تحية السلام التقليدية ( حمد لله على السلامة ) و التي وجدت في طيبتها ( تلك العبارة ) ما قلل من صداع عظيم إثر الكميات الهائلة من كم الأفراد الذين لا حصر لهم ، و كأنهم جاهزين منذ زمن لإعلان صلاحيتهم في المجاملة !!
حاولت بقدر الإمكان أن تصنع شيئاً أشبه بالارتجال في هذا الجو المشحون بالتوتر و الروتين القاهر ، آملة أن تستطيع إضافة رؤيتها في شكل جديد فالمجلات ذات العناوين المبهرة رفضت التعامل مع كتاباتها بشيء من التوجس و الخوف معللة بعدم صلاحية مزاولة (الهواية) ( منذ متى أصبح للهواية تاريخ صلاحية و نهاية ؟ ( في هذا البلد العتيق فقط يا أحبتي    ؟
قامت بتصميم شكل من أشكال البطاقات الملونة ، تلونها ، و تقصها بعناية  و تعيد نسخها ، كاتبة عليها أحرف ملونة ممتلئة بالرومانسية و الجمال ، كتبت عليها بعضاً من إرج أفكارها و قامت بتوزيعها على بعض الجيران ، ثلاثة من الأصدقاء هنا و إثنين هناك و هكذا ، و بينما هي توزع بطاقاتها إذا بها تلمح أحد الذين ابتسموا لها بدعة و رددوا على مسامعها : يا لها من فكرة وفقك الله ، إذا بها تلتفت فجأة لتجد بطاقتها الجميلة وقد رُميت أرضاً نظرت إليه باستغراب فبُهِت و رَنا إلى الأرض خجلاً ( لم يستطع الإنتظار حتى تبتعد خطوات ، و يقوم برمي بطاقتها !! ) كانت يده لا تزال مُعلقة في الهواء بينما البطاقة تهوى أرضاً ، كانت عينيها لا تزالان معلقتان بالبطاقة الهاوية ( سَيان ما بين المتعلم و ما بين مُدعي العلم ) محاولاتها أشبه بمحاولة جولييت بينوش في فيلم ( شيكولاتة ) لكن مفعول صدق كلماتها أصبح أسرع . أشبه بالتمائم و التعاويذ فالكل أصبح مدمناً لحروفها المختالة و أميل لأن يقرأها  ... فقط هي البداية الصعبة و لكن الحياة تواصل استمرارها...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق